اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 232
يا أكمل الرسل هُوَ أَعْلَمُ بعلمه الحضوري مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ من اصحاب التخمين والتقليد وَايضا هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ من ارباب المكاشفة والشهود فلا يفيد تغريرهم واضلالهم شيأ يعتد به وإذا علمتم ايها المؤمنون ان الهداية والضلال انما هو بيد الله الكبير المتعال وبمقتضى ارادته واختياره لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا بتحريم المباح وتحليل الشبهات والحرام
فَكُلُوا حسب ما قد أباح الله عليكم من الأزواج الثمانية وما يشابهها من الوحوش مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عند تذكيته وذبحه مبيحين محللين على انفسكم إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ وباحكامه مصدقين موقنين
وَما لَكُمْ واى شيء عرض لكم أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَالحال انه قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ربكم ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ في دينكم وكتابكم هذا في قوله حرمت عليكم الميتة والدم الآية فعليكم ان لا تأكلوا من المحرمات إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ فحينئذ يباح لكم منها مقدار سد جوعة وَإِنَّ كَثِيراً من الناس لَيُضِلُّونَ بأنفسهم ويضلون غيرهم من الضعفاء بتحليل المحرمات وتحريم المباحات بلا سند شرعي بل بِأَهْوائِهِمْ الباطلة بِغَيْرِ عِلْمٍ لهم بما عند الله ولا تتبعوهم ولا تقتفوا أثرهم إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ المتجاوزين عن حدود الله بمتابعة اهوائهم الفاسدة وآرائهم الباطلة فيجازيهم الله المنتقم الغيور على مقتضى علمه
وَذَرُوا ايها المؤمنون واتركوا بالإخلاص والندامة المؤكدة ظاهِرَ الْإِثْمِ اى الاقدام عليه والاتصاف به وَباطِنَهُ اى اخطاره واجراءه على القلب ايضا إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ ويميلون اليه متلذذين سَيُجْزَوْنَ في النشأة الاخرى بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ ويكسبون وبمقدار ما يتلذذون به
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ حين ذبحه وَإِنَّهُ اى أكلكم منه لَفِسْقٌ خروج عن حكم الله بمتابعة اهل البدع والأهواء الضالين عن طريق الحق بوسوسة الشياطين وَلا تغفلوا عن وسوستهم بحال من الأحوال إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ يلقون ويوسوسون دائما إِلى أَوْلِيائِهِمْ من اهل الأهواء لِيُجادِلُوكُمْ ويزوروا عليكم ايها المؤمنون حتى يضلوكم عن منهج الحق سيما في المآكل والمشارب وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ايضا لان من أطاع غير الله سيما في معصيته فقد أشرك به العياذ بالله
أَوَمَنْ كانَ منكم ايها المكلفون مَيْتاً بالجهل والكفر وانواع الشرك والضلال فَأَحْيَيْناهُ بالمعرفة والايمان وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يتلألأ من جبينه يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ هاديا مهتديا كَمَنْ مَثَلُهُ شأنه ووصفه انه مغمور فِي الظُّلُماتِ المتراكمة المتزاحمة عليه إلا وهي ظلمة الجهل والكفر والفسوق والعصيان والحال انه لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ناج عنها لعدم تناهيها فهو ومن أنقذه الله من ظلمة الضلالة بنور الهداية وهداه الى صراط مستقيم بنور دين الإسلام سيان متساويان كلا وحاشا شتان ما بينهما كَذلِكَ اى مثل تزيين الايمان للمؤمن قد زُيِّنَ حبب وحسن لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الكفر والعصيان إذ كل حزب بما لديهم فرحون
وَكَذلِكَ اى كما جعلنا في مكة أكابر وصناديد يجرمون فيها جرائم عظيمة قد جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ اى صيرنا وقدرنا فيها أَكابِرَ كانوا مُجْرِمِيها ومترفيها وامهلناهم زمانا لِيَمْكُرُوا فِيها بأنواع المكر والحيل ليضلوا ضعفاء الأنام عن جادة الإسلام فيمكرون ويضلون وَهم بأجمعهم ما يَمْكُرُونَ حقيقة إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ إذ وبال مكرهم انما يعود عليهم وَهم ما يَشْعُرُونَ عوده حينئذ لشدة قساوتهم وعمههم وسيشعرون حين يؤخذون
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 232